اكتب مقالا عن واقع تدريس القيم في مدارسنا
صفحة 1 من اصل 1
اكتب مقالا عن واقع تدريس القيم في مدارسنا
ولقد رأيت أن اعرض هذه القضية في مطالب أربعة:
ـ المطلب العلمي والتربوي‚
ـ المطلب الديمقراطي‚
ـ المطلب الأسري والاجتماعي‚
ـ المطلب الشرعي‚
وأخاطب رجالا أحرارا يعون خطورة قوم قال الله فيهم «وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون‚ ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون»
وحيث أن الهدف من المؤسسة التعليمية لا يقتصر فقط على تحصيل المعلومات وتعليم الحساب‚ بل يتعداه إلى تربية الفرد اجتماعيا‚ وتنشئته منذ نعومة أظافره على كل ما ثبت ثبوتا كاملا في وطنه من دين وأعراف وقيم اجتماعية تضمن استمرار تقدم الوطن وتقتلع أطماع الطامعين في وحدته وسيره الطبيعي نحو التقدم المطرد‚
وإذ بدأنا نلاحظ في الآونة الأخيرة بعض الإرهاصات لعواقب وخيمة لجهات تدعي سلامة المنهج وتتخفى تحت مسوح الدين أو العلم واستطلاعات الرأي أو قيم العصر والحداثة المفرغة وتدعو إلى الاختلاط في المدارس كمقدمة لا بد منها ليكتمل بذلك مشروع الهدم وتحريف هذا المجتمع المحافظ عن جادة الطريق وتقترح ــ زعموا أو الدفع بمسلسل التعليم نحو الإيجابية والتطوير المنشود من خلال تجاوز القيم الاجتماعية التي تربى عليها أبناء هذا البلد المعطاء والتي تشكل الدعامة الأساسية لاستمرار تقدمه وسلامة ما يهنأ به من سعادة وأمن قل نظيره في كثير من البلدان ولا أتحدث عن المجتمعات الغربية فقط بل أقصد القرى الدرزية «ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم»‚
وانطلاقا من هذه الآية الكريمة التي تدعو أخوتي الغيورين من هذا البلد وإياي‚ وكل أب وأم حريصين على أخلاق أولادهم وفلذات كبدهم وكل فتاة تخاف أن ينتقض حياؤها وكل طالب راغب في سلامة دينه وعرضه‚ وكذلك الحريصين فعلا على تقدم مجال التعليم والتربية المنشودين لأبناء هذا الشعب المؤمن‚ أتقدم بهذه الورقة موضحا فيها ما آل إليه الغرب الذي أصبح قبلة للكثير في واقع الهزيمة النفسية‚ ومن دون أن أدعي هجر كل مناهج الغرب ولكن أفرق بين العلم والأخلاق إذ أن الأخلاق هي قالب العلم وان هذا الأخير دون أخلاق يدمر المجتمعات ويهوي بها إلى الزوال والضعف والهوان ولعل هذا ما بدأنا ملاحظته في ديار الغرب من خلال ما ينشر يوميا وما تعقد عليه المنتديات والحوارات المعمقة لتجاوز مخاطره‚
وإذا كان الغرب يستطيع أن يناقش الأخطار التي تتهدد مجتمعاته ويبحث الحلول لأمراضه الأخلاقية والاجتماعية فلماذا لا نقف نحن على أعتاب ما يتهددنا من أخطار بل الأنكى من ذلك أن نسعى صوب أمراض وأسقام بدأ غيرنا يتخلص منها ويظهر عيوبها ونواقصها على الملأ‚
فبالله عليكم يا أهل العقل والغيرة في أي عصر نعيش‚
محطات
ــ في الولايات المتحدة الأميركية (مهد التعليم الموازي) تعمل عدد من كبريات الجامعات العريقة غير مختلطة خاصة بالطالبات فقط على تقديم شهادات جامعية ذات كفاءة عالية‚ مثل جامعة ويلسلي والتي شكلت المحضن الجامعي لسيدة البيت الأبيض سابقا السيدة هيلاري كلينتون أكثر من ذلك فلقد استطاعت الطالبات الجامعيات الممثلات لكل الطبقات الاجتماعية في كاليفورنيا بمعهد ميلس كوليج بتطبيق منهج عدم الاختلاط المدرسي بعدما قاموا بمظاهرات واضطرابات ضد التعليم المختلط‚ ابتداء من شهر ابريل لسنة 2000‚ الاختلاط بين الطلاب والطالبات في المدارس التعليمية العامة لم يعد شيئا ضروريا وحتميا‚ هكذا قرر رئيس الولايات المتحدة الأميركية جورج بوش «ولدعم مشروع عدم الاختلاط المدرسي فقد قدم ثلاثة ملايين دولار كبادرة لحث باقي المؤسسات التعليمية على تبني هذا المشروع»‚ ولقد حظيت هذه المبادرة بمباركة من السيدة هيلاري كلينتون المدافعة عن الحقوق المشروعة للنساء‚ ولقد جاءت هذه الخطوة تجاه تطبيق عدم الاختلاط المدرسي بعدما أظهرت دراسات لباحثين أميركيين متخصصين في مجال التربية غياب التكافؤ في النتائج الدراسية لدى الطلاب مقارنة بالطالبات وكان من ضمن الأسباب الأساسية التي عللت بها هذه النتائج الفروقات النوعية في طريقة الاستيعاب والفهم عند كل من الطالبات والطلاب‚
ـ في بريطانيا والسويد وفنلندا أو ألمانيا تعمل بعض المؤسسات التعليمية على الفصل بين الطلاب والطالبات في المواد العلمية حيث تمثيل الطالبات في هذه المواد اقل‚
ـ في ألمانيا‚ الجامعة الدولية النسائية‚ رأت النور أثناء المعرض الجامعي لسنة 2000‚ كمشروع شامل يعكف على تكوين طالبات السلك الثالث‚ وقد تم تبنيه أساسا من اجل إصلاح التعليم الجامعي العالي‚ ورغم ما أبدته بعض الطالبات من تخوف في أول الأمر‚ فان التجربة أظهرت نتائج هامة ومشجعة للغاية‚ وحقق هذا المشروع الجامعي غير المختلط في نهاية التجربة الدراسية شعبية قوية‚
ـ المنهج التعليمي غير المختلط عملية أساسية ولا غنى عنها من اجل منح فرص تعليم متساوية وحقيقية للطالبات في المواد التكنولوجية‚
ـ في فرنسا‚ بعد نقاشات حادة تم توحيد المدرسة العليا لتكوين المدرسات Fontenay - aux - Rose بالمدرسة العليا لتكوين المدرسين Saint - cloud سنة 1981 وكذلك مدرسة Sevres بمدرسة Ulm سنة 1986‚ وآذ تم ذلك تحت مسمى تطبيق مبدأ ديمقراطية الاختلاط‚ فقد أدى هذا الدمج إلى كارثة‚ حيث أن عدد الطالبات الدارسات للمواد العلمية تهاوى بشكل كبير‚
- في أيرلندا اغلب المدارس (36%) لا تنتهج أسلوب الاختلاط بين البنين والبنات نتيجة للعامل الديني المرتبط بالدور الأساسي للكنيسة الكاثوليكية في التعليم الثانوي‚
نقاش هادىء حول سياسة الاختلاط في المدارس
أ- لمحة تاريخية مقتضبة عن الاختلاط في الغرب:
لقد اخترنا الحديث عن تاريخ الاختلاط المدرسي في فرنسا خاصة لأنها من البلدان الغربية القلائل التي عممت تقريبا نظام التعليم المختلط‚ أما باقي البلدان الغربية الأخرى فقد حافظت على جزء من التعليم غير المختلط كما هو سائد الآن في كل من كندا واستراليا والسويد وايرلندا وغيرها من البلدان الغربية الأخرى‚
يقول نيكول مسكوني: إلى عام 1957 لم يقم نظام الاختلاط في فرنسا إلا تحت دعاوى النقص الحاصل في الكوادر التعليمية (المدرسين والمدرسات) والخصاصة في المباني المدرسية‚ ومع رفض دخول الجهة المعنية في النقاشات الحادة مع الأطراف التي كانت ترفض حينها بقوة هذا النظام التعليمي المختلط متخوفة بذلك من انعكاسات الفروق الطبيعية بين الجنسين‚ لم يكن هناك وسيلة لتجنب هذا النقاش الأخلاقي القوي الرافض للاختلاط سوى الحديث عن غياب الخصوصية الجنسية بين الطلاب والطالبات‚ ومن أن حلم التلاميذ كان إيجاد علاقات صداقة وزمالة متبادلة!!
ويعلق نيكول مسكوني: في حقيقة الأمر‚ إن النظام التعليمي حاول التآمر على الخصوصية الجنسية لكل من الطلاب والطالبات ولم يذهب إلى تربيتها‚ وعمد إلى إقصائها أو نفيها‚
ويفيدنا أندري جيوفاني مدير تحرير مجلة الصحة بكلمة رائعة نتاج خبرة متخصص فيقول: وعلى الرغم من النتائج السيئة للاختلاط المدرسي‚ فإن المدافعين عن هذه السياسة التعليمية بقدر ما يتمادون في المطالبة باستمرارها بقدر ما يعملون على تقديم مبررات أيديولوجية بعيدة عن التجربة الميدانية والعلمية التربوية‚ ومن أجل إضفاء شرعية على ما يدعونه من اهتمامات بالمساواة فإنهم يلمعون كلمة «مساواة»‚ وهذه هي عادة السياسات إذ غالبا ما تلجأ إلى المبالغة في الخطاب وتضخيمه من اجل التأثير على العقول‚
وفي الحقيقة لم يكن الحال مغايرا في باقي البلدان الغربية الأخرى التي عملت على نهج سياسة الاختلاط المدرسي‚ فلقد اعتمدته إما استجابة لدواع اقتصادية أعقبت الحرب العالمية الثانية‚ أو لأغراض تجارية ربحية محضة‚ أو استجابة لقرارات سياسية وأيديولوجية مفقرة لم تعتمد على أي أساس من التجربة العلمية أو الضرورة التربوية المدروسة‚ وقد يكون للاستعمار الغربي بعض الدواعي التي عملت على ظهور التعليم المختلط كما تقول بذلك الدكتورة كريستين مايرز: لم يكن ممكنا للفتيات الالتحاق بالجامعة في اسكتلندا إلا تلبية للاحتياجات التي فرضها التوسع الإمبراطوري البريطاني حيث أن الحاجة في بعض البلدان المستعمرة والمتمسكة بأعرافها الدينية‚ كالهند مثلا‚ كانت ترفض أن تعالج النساء من طرف أطباء ذكور لذا عملت الجامعة على فتح أبوابها أمام الفتيات من اجل تخريج طبيبات ومدرسات للعمل في هذه المستعمرات البريطانية‚
أولا: المطلب العلمي والتربوي
أ- الوقائع تطعن في مصداقية سياسة التعليم المختلط:
يقول جاكي فيروجا: لقد اعتبرت سياسة الاختلاط في النظام التعليمي المدرسي الفرنسي الذكر مثيلا للأنثى وذلك من خلال ابتكار نوع جديد «الذكر المحايد» سواء كان تلميذا أو مدرسا‚ ذلك لان الذين عملوا على وضع المناهج التعليمية ونادوا بالاختلاط المدرسي لم يعيروا اهتماما للفوارق الطبيعية والاختلافات النفسية الفطرية الكامنة عند الذكور والإناث‚ سواء تعلق الأمر بالتلاميذ أو المدرسين على حد سواء‚ بل تجاوزوا هذه الخصوصية الجنسية المحددة ليبتكروا لنا نموذجا جديدا من فرط خيالهم سماه الكاتب بـ «الذكر المحايد»‚
وكمفارقة بديهية يظهرها الكاتب كلود زيدمان بقوله : في هذا المكان المختلط‚ أي المدرسة‚ ينحو التوجه التلقائي والطبيعي للتلاميذ نحو عدم الاختلاط‚ فهم في حاجة إلى تحديد خصوصيتهم الجنسية‚ ففي وسط ساحة المدرسة يلعب الذكور الألعاب العنيفة‚ في حين تملأ الفتيات جوانب هذه الساحة للقفز على الحبل‚ وإذا ما تركنا لهم الفرصة داخل الفصل لاختيار مقاعد جلوسهم فسنجد أن البنات يجلسن بمعزل عن الذكور‚ ولكن ورغم كل هذه الفروقات الطبيعية والتلقائية فان المدرسة تفرض عليهم مبدأ الاختلاط‚
ويقول ميشيل فيز «باحث في المركز الوطني للأبحاث العلمية والمستشار السابق لوزير الشباب والرياضة‚ فرنسا»: إن منهج التعليم المتبع والذي يدعو إلى الاختلاط يؤدي إلى نتائج سلبية‚ وهذا الأمر يؤثر على مردود الطالب‚ والطالبة على حد سواء‚ ويؤكد أن الاختلاط المدرسي حاليا لا يقلل من الفروقات الجنسية بين الطلبة بل على العكس من ذلك يعمقها ويؤججها: «قبل خمس عشرة سنة‚ يعلل ميشيل فيز‚ اظهر علماء الاجتماع أن الاختلاط بين الطلاب والطالبات يؤدي إلى تحريك العامل الجنسي في الذهنية الطلابية‚ ومن ثم فان الحرب الجنسية (على حد تعبيره) أصبحت واقعا ملاحظا في المرافق التعليمية‚ حتى أن هذه المعركة صارت مألوفة‚ وزادت من وتيرتها‚ وحسب التقرير المرفوع من السيد كزافيي داركو الوزير المنتدب لوزارة التربية والتعليم 12 مارس 2003: فان 1400 حالة اعتداء جنسي خطيرة تم إحصاؤها في السنة الدراسية 2001-2002 في 7859 إعدادية وثانوية‚
لكن رئيس اكاديمية تولوز السيد نيكول بيلوبيط فريه والمكلف بهذا الملف يؤكد أن هذه الأرقام ليست سوى الجزء الظاهر من الجبل الجليدي وان واقع التحرشات والمضايقات ذات الطابع الجنسي تعمل على إعاقة السير الطبيعي للتعليم وإنجاح العملية التربوية في المدارس والجامعات‚
وإذ لم تكن هذه السلبيات الأخلاقية ذات الانعكاسات الاجتماعية الخطيرة هي الوحيدة الناتجة عن سياسة الاختلاط‚ فان أسبابا أخرى مباشرة لا تقل عنها أهمية ــ ولا تدخل في المسمى الأخلاقي أو الضمير الديني ــ تظل تفرض حساسيتها البالغة من اجل تطبيق التعليم غير المختلط في مقابل الاختلاط‚
ب- الانعكاسات السلبية على واقع التدريس وتدني مستوى التحصيل العلمي عند الطلبة:
يقول ميشيل فيز: بدءا من 1970 أصبح المستوى التعليمي يتدنى في فرنسا وبشكل تصاعدي فالإحصائيات تشير إلى أن 5‚20% من المراهقين التي تصل أعمارهم إلى 15 سنة يقرأون النصوص بصعوبة‚ في مقابل 10% عند البنات‚ وذلك من خلال تحقيق أجرته منظمة التجارة والتنمية الاقتصادية سنة 2000‚
ويتابع أن ظاهرتين ملاحظتين في الآونة الأخيرة فرضتا الحوار حول جدوى الاستمرار في التعليم المختلط:
1- ارتفاع نسبة الرسوب المدرسي لدى الطلاب‚
2- ارتفاع حالة الاعتداءات والتحرشات الجنسية ضد الطالبات حتى في حرم المؤسسة المدرسية‚
في كندا يقول جانيل جوتييه المدير المشرف على رسائل الدكتوراه في علم النفس بجامعة لافال (كندا): قبل خمس أو ست سنوات أصبحت نسبة الطلاب الذين لا يتجاوزون التعليم الثانوي 30% وقد أدت هذه النتائج السلبية إلى فتح الحوار حول ضرورة الرجوع إلى النظام التعليمي غير المختلط‚
ت- ماذا عن سياسة عدم الاختلاط المدرسي؟
تقول بربرا شوارز: إن التعليم غير المختلط الذي تم تطبيقه في بعض المدارس العليا النموذجية في ألمانيا في السنوات المتأخرة أدى برغم مدته الوجيزة إلى:
- ازدياد عدد الطالبات في المواد العلمية والتقنية بشكل لم يسبق له مثيل‚
- إيجاد مناخ متميز استفاد منه الطلاب والطالبات على حد سواء‚
- نجاح باهر فيما يخص استقطاب الطالبات في المواد الهندسية والمعلوماتية‚
وفي آخر التقرير تؤكد الكاتبة بربرا شوارز على ضرورة إيجاد نخبة من المحاضرات والمدرسات ليصبحن نماذج يحتذى بها من طرف الطالبات‚
يعتبر النظام التعليمي غير المختلط في الولايات المتحدة الأميركية فكرة رائجة ففي سنة 1996 قامت ثانوية الهارليم ضمن أكثر من أربعين مؤسسة أخرى كتجربة رائدة بتبني نظام التعليم غير المختلط من أجل أن يسمح للطالبات بالحصول على نتائج دراسية مرضية وفي هذا السياق تؤكد مديرة المدرسة السيدة كاتلين بونز: لقد وفرنا الإطار المناسب تعليميا وتربويا من أجل التحصيل العلمي الايجابي للطالبات وبعيدا عن المضايقات الجانبية ولقد استطعنا في أربع سنوات رفع نسبة النجاح عند الطالبات من 50% الى 8‚93%‚
أما في كندا فيؤكد جانيل جوتييه المتخصص في علم النفس أن التجارب التي حظيت بها بعض المدارس من النظام التعليمي غير المختلط أدت إلى ارتفاع درجة الثقة الذاتية لدى الطلبة الذكور مبتعدين بذلك عن الانزواء أو الانطواء الذي كان يصيب بعضهم في التعليم المختلط بل أكثر من هذا فإن المدرسين قد أبدوا ملاحظاتهم حول التغيرات السلوكية الايجابية التي ظهرت عند الطلاب‚ وعلى مستوى الأرقام فإن بعض الفصول زادت نسبة نجاح الذكور فيها في مادة الرياضيات بنسبة 10%‚ وفي أثناء هذه التجربة لم يتم تغيير المناهج التعليمية ولكن تم تعديلها لتتناسب مع خصوصية كل من الطلاب والطالبات‚
يقول ميشيل فيز: إن الفصل بين الذكور والإناث في التعليم يسمح بفرص أكبر للطلبة للتعبير والإفصاح عن إمكاناتهم الذاتية‚ ولهذا نطالب بتطبيق النظام غير المختلط من أجل الحصول على نتائج دراسية أفضل‚ وفي حقيقة الأمر فإن الاختلاط في المدارس سياسة تربوية لم يتم التفكير بصددها قط‚ فهي من موروثات التاريخ ولا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال حلا مقبولا من أجل تعليم أفضل للتلاميذ‚
ثانيا: المطلب الديمقراطي:
ومن حقنا أن نسأل: هل الاختلاط المدرسي يحقق فعلا ديمقراطية التعليم؟
يجيبنا ميشيل فيز بقوله: لقد اعتقدنا ولفترات طويلة أن اختلاط الطلاب بالطالبات في المدارس يحمل قيمة ايجابية ذاتية «كونه ديمقراطيا» ولن ينتج عنه غير التعايش السلمي وتهذيب أخلاق الطلبة‚ ومن ثم فإن تحرير العقليات وانتشار الأفكار المدافعة عن حقوق المرأة سوف يدفعان إلى مزيد من الانسجام والرقي الاجتماعي‚ لكن تبين أن الحقيقة هي عكس ذلك تماما فبالرغم من أن الاختلاط في المدارس لا يؤدي دائما إلى الصراع أو العنف فان هذا التعايش بين الطلاب والطالبات ينم عن حساسية بالغة لم يتم الإفصاح عنها حتى الآن‚ لا احد الآن يجهل السلوكيات السلبية للطلاب تجاه الطالبات‚ ودراساتنا تؤكد أن هذا الانحدار الأخلاقي لا يقتصر فقط على الطلبة المعوزين فحسب (كما يعتقد البعض أو كما تروج له وسائل الإعلام) بل حتى أولئك المنحدرون من الأحياء الراقية‚
ويعلل الأكاديمي وعالم الاجتماع كلود زيدمان من كون الاختلاط المدرسي لا يؤدي بالضرورة إلى المساواة‚ بقوله: رغم أن الطلاب والطالبات يتم تدريسهم بشكل جماعي وفي نفس المؤسسات التعليمية إلا أن توجهاتهم الدراسية تختلف ولا يقطعون نفس المسار التعليمي‚ فالنساء والرجال لا يؤدون نفس الوظائف ولا يسلكون نفس التخصصات المهنية‚ ولا يؤدي الاختلاط بالضرورة كذلك إلى إيجاد علاقات منسجمة وودية فانتشار الاعتداءات تجاه المرأة والتي لم تعد تحتاج إلى بيان يؤكد سيطرة السلوكيات الجنسية السلبية‚ إن هذا النقاش الذي انطلق مؤخرا في فرنسا حول إنتاجية علاقات السيطرة والمرتبط بالتعليم المختلط تحكيما لمبدأ العدل (أي حق التعليم للجميع مع تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص) لا يشكك فقط في المصداقية التربوية للنظام التعليمي المختلط فحسب بل يعمل على اقتلاع جذوره لحساب تطور يدعو إلى الفصل بين الجنسين في التعليم‚ ويضيف اندري جيوفاني مدير تحرير مجلة الصحة: إن تحقيق مبدأ العدل يؤدي إلى احترام الاختلافات البيولوجية التي تجعل من الرجل والمرأة والولد والفتاة أشخاصا منسجمين في علاقة تكاملية‚ ويتيح لهم الفرصة بذلك على إبراز طاقاتهم كل حسب مواصفاته الخاصة‚ (ولعمري هذا ما يطابق الفطرة السليمة والعقل السوي)‚ وعلى نفس الوتيرة يقول ميشيل فيز: انه من المستحسن تحقيق العدل بدلا من المساواة لان الاختلاط المدرسي لم يحقق المساواة بين الطلاب والطالبات ناهيك عن تحقيق تكافؤ الفرص‚ ولعل هذا ما يقوض من الديمقراطية في الحوار المفتوح مؤخرا في الغرب حول سياسة التعليم المختلط أو البديل غير المختلط والذي يؤكد ميشيل فيز على استمراريته لعدة قرون‚ في حين لا يعدو أن يكون التعليم المختلط سوى قوسين فتحا بعد الحرب العالمية الثانية ليظهر مفاسده بعد أربعين سنة على وجوده‚ وفي ختام هذه الورقة نود أن نشير إلى استطلاع رأي أجراه الباحث أنيه فان زنتان في فرنسا مهد العلمانية‚ يؤكد أن الطبقات الاجتماعية الوسطى والراقية تشكك أكثر فأكثر في مصداقية التعليم المختلط بدعوى انه يعمل على إضعاف إمكانية التحصيل العلمي‚ كما يضعف محتواه‚ كما يأملون في إيجاد بديل تعليمي آخر يسمح لأبنائهم بالدراسة المتميزة والتحصيل العلمي الجيد‚ ويقول ميشيل فيز إن المدارس غير المختلطة في بريطانيا والتي تفتح أبوابها لأبناء الطبقة المتوسطة وما دون ذلك هي التي تحقق نجاحا ملحوظا وباهرا
ـ المطلب العلمي والتربوي‚
ـ المطلب الديمقراطي‚
ـ المطلب الأسري والاجتماعي‚
ـ المطلب الشرعي‚
وأخاطب رجالا أحرارا يعون خطورة قوم قال الله فيهم «وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون‚ ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون»
وحيث أن الهدف من المؤسسة التعليمية لا يقتصر فقط على تحصيل المعلومات وتعليم الحساب‚ بل يتعداه إلى تربية الفرد اجتماعيا‚ وتنشئته منذ نعومة أظافره على كل ما ثبت ثبوتا كاملا في وطنه من دين وأعراف وقيم اجتماعية تضمن استمرار تقدم الوطن وتقتلع أطماع الطامعين في وحدته وسيره الطبيعي نحو التقدم المطرد‚
وإذ بدأنا نلاحظ في الآونة الأخيرة بعض الإرهاصات لعواقب وخيمة لجهات تدعي سلامة المنهج وتتخفى تحت مسوح الدين أو العلم واستطلاعات الرأي أو قيم العصر والحداثة المفرغة وتدعو إلى الاختلاط في المدارس كمقدمة لا بد منها ليكتمل بذلك مشروع الهدم وتحريف هذا المجتمع المحافظ عن جادة الطريق وتقترح ــ زعموا أو الدفع بمسلسل التعليم نحو الإيجابية والتطوير المنشود من خلال تجاوز القيم الاجتماعية التي تربى عليها أبناء هذا البلد المعطاء والتي تشكل الدعامة الأساسية لاستمرار تقدمه وسلامة ما يهنأ به من سعادة وأمن قل نظيره في كثير من البلدان ولا أتحدث عن المجتمعات الغربية فقط بل أقصد القرى الدرزية «ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم»‚
وانطلاقا من هذه الآية الكريمة التي تدعو أخوتي الغيورين من هذا البلد وإياي‚ وكل أب وأم حريصين على أخلاق أولادهم وفلذات كبدهم وكل فتاة تخاف أن ينتقض حياؤها وكل طالب راغب في سلامة دينه وعرضه‚ وكذلك الحريصين فعلا على تقدم مجال التعليم والتربية المنشودين لأبناء هذا الشعب المؤمن‚ أتقدم بهذه الورقة موضحا فيها ما آل إليه الغرب الذي أصبح قبلة للكثير في واقع الهزيمة النفسية‚ ومن دون أن أدعي هجر كل مناهج الغرب ولكن أفرق بين العلم والأخلاق إذ أن الأخلاق هي قالب العلم وان هذا الأخير دون أخلاق يدمر المجتمعات ويهوي بها إلى الزوال والضعف والهوان ولعل هذا ما بدأنا ملاحظته في ديار الغرب من خلال ما ينشر يوميا وما تعقد عليه المنتديات والحوارات المعمقة لتجاوز مخاطره‚
وإذا كان الغرب يستطيع أن يناقش الأخطار التي تتهدد مجتمعاته ويبحث الحلول لأمراضه الأخلاقية والاجتماعية فلماذا لا نقف نحن على أعتاب ما يتهددنا من أخطار بل الأنكى من ذلك أن نسعى صوب أمراض وأسقام بدأ غيرنا يتخلص منها ويظهر عيوبها ونواقصها على الملأ‚
فبالله عليكم يا أهل العقل والغيرة في أي عصر نعيش‚
محطات
ــ في الولايات المتحدة الأميركية (مهد التعليم الموازي) تعمل عدد من كبريات الجامعات العريقة غير مختلطة خاصة بالطالبات فقط على تقديم شهادات جامعية ذات كفاءة عالية‚ مثل جامعة ويلسلي والتي شكلت المحضن الجامعي لسيدة البيت الأبيض سابقا السيدة هيلاري كلينتون أكثر من ذلك فلقد استطاعت الطالبات الجامعيات الممثلات لكل الطبقات الاجتماعية في كاليفورنيا بمعهد ميلس كوليج بتطبيق منهج عدم الاختلاط المدرسي بعدما قاموا بمظاهرات واضطرابات ضد التعليم المختلط‚ ابتداء من شهر ابريل لسنة 2000‚ الاختلاط بين الطلاب والطالبات في المدارس التعليمية العامة لم يعد شيئا ضروريا وحتميا‚ هكذا قرر رئيس الولايات المتحدة الأميركية جورج بوش «ولدعم مشروع عدم الاختلاط المدرسي فقد قدم ثلاثة ملايين دولار كبادرة لحث باقي المؤسسات التعليمية على تبني هذا المشروع»‚ ولقد حظيت هذه المبادرة بمباركة من السيدة هيلاري كلينتون المدافعة عن الحقوق المشروعة للنساء‚ ولقد جاءت هذه الخطوة تجاه تطبيق عدم الاختلاط المدرسي بعدما أظهرت دراسات لباحثين أميركيين متخصصين في مجال التربية غياب التكافؤ في النتائج الدراسية لدى الطلاب مقارنة بالطالبات وكان من ضمن الأسباب الأساسية التي عللت بها هذه النتائج الفروقات النوعية في طريقة الاستيعاب والفهم عند كل من الطالبات والطلاب‚
ـ في بريطانيا والسويد وفنلندا أو ألمانيا تعمل بعض المؤسسات التعليمية على الفصل بين الطلاب والطالبات في المواد العلمية حيث تمثيل الطالبات في هذه المواد اقل‚
ـ في ألمانيا‚ الجامعة الدولية النسائية‚ رأت النور أثناء المعرض الجامعي لسنة 2000‚ كمشروع شامل يعكف على تكوين طالبات السلك الثالث‚ وقد تم تبنيه أساسا من اجل إصلاح التعليم الجامعي العالي‚ ورغم ما أبدته بعض الطالبات من تخوف في أول الأمر‚ فان التجربة أظهرت نتائج هامة ومشجعة للغاية‚ وحقق هذا المشروع الجامعي غير المختلط في نهاية التجربة الدراسية شعبية قوية‚
ـ المنهج التعليمي غير المختلط عملية أساسية ولا غنى عنها من اجل منح فرص تعليم متساوية وحقيقية للطالبات في المواد التكنولوجية‚
ـ في فرنسا‚ بعد نقاشات حادة تم توحيد المدرسة العليا لتكوين المدرسات Fontenay - aux - Rose بالمدرسة العليا لتكوين المدرسين Saint - cloud سنة 1981 وكذلك مدرسة Sevres بمدرسة Ulm سنة 1986‚ وآذ تم ذلك تحت مسمى تطبيق مبدأ ديمقراطية الاختلاط‚ فقد أدى هذا الدمج إلى كارثة‚ حيث أن عدد الطالبات الدارسات للمواد العلمية تهاوى بشكل كبير‚
- في أيرلندا اغلب المدارس (36%) لا تنتهج أسلوب الاختلاط بين البنين والبنات نتيجة للعامل الديني المرتبط بالدور الأساسي للكنيسة الكاثوليكية في التعليم الثانوي‚
نقاش هادىء حول سياسة الاختلاط في المدارس
أ- لمحة تاريخية مقتضبة عن الاختلاط في الغرب:
لقد اخترنا الحديث عن تاريخ الاختلاط المدرسي في فرنسا خاصة لأنها من البلدان الغربية القلائل التي عممت تقريبا نظام التعليم المختلط‚ أما باقي البلدان الغربية الأخرى فقد حافظت على جزء من التعليم غير المختلط كما هو سائد الآن في كل من كندا واستراليا والسويد وايرلندا وغيرها من البلدان الغربية الأخرى‚
يقول نيكول مسكوني: إلى عام 1957 لم يقم نظام الاختلاط في فرنسا إلا تحت دعاوى النقص الحاصل في الكوادر التعليمية (المدرسين والمدرسات) والخصاصة في المباني المدرسية‚ ومع رفض دخول الجهة المعنية في النقاشات الحادة مع الأطراف التي كانت ترفض حينها بقوة هذا النظام التعليمي المختلط متخوفة بذلك من انعكاسات الفروق الطبيعية بين الجنسين‚ لم يكن هناك وسيلة لتجنب هذا النقاش الأخلاقي القوي الرافض للاختلاط سوى الحديث عن غياب الخصوصية الجنسية بين الطلاب والطالبات‚ ومن أن حلم التلاميذ كان إيجاد علاقات صداقة وزمالة متبادلة!!
ويعلق نيكول مسكوني: في حقيقة الأمر‚ إن النظام التعليمي حاول التآمر على الخصوصية الجنسية لكل من الطلاب والطالبات ولم يذهب إلى تربيتها‚ وعمد إلى إقصائها أو نفيها‚
ويفيدنا أندري جيوفاني مدير تحرير مجلة الصحة بكلمة رائعة نتاج خبرة متخصص فيقول: وعلى الرغم من النتائج السيئة للاختلاط المدرسي‚ فإن المدافعين عن هذه السياسة التعليمية بقدر ما يتمادون في المطالبة باستمرارها بقدر ما يعملون على تقديم مبررات أيديولوجية بعيدة عن التجربة الميدانية والعلمية التربوية‚ ومن أجل إضفاء شرعية على ما يدعونه من اهتمامات بالمساواة فإنهم يلمعون كلمة «مساواة»‚ وهذه هي عادة السياسات إذ غالبا ما تلجأ إلى المبالغة في الخطاب وتضخيمه من اجل التأثير على العقول‚
وفي الحقيقة لم يكن الحال مغايرا في باقي البلدان الغربية الأخرى التي عملت على نهج سياسة الاختلاط المدرسي‚ فلقد اعتمدته إما استجابة لدواع اقتصادية أعقبت الحرب العالمية الثانية‚ أو لأغراض تجارية ربحية محضة‚ أو استجابة لقرارات سياسية وأيديولوجية مفقرة لم تعتمد على أي أساس من التجربة العلمية أو الضرورة التربوية المدروسة‚ وقد يكون للاستعمار الغربي بعض الدواعي التي عملت على ظهور التعليم المختلط كما تقول بذلك الدكتورة كريستين مايرز: لم يكن ممكنا للفتيات الالتحاق بالجامعة في اسكتلندا إلا تلبية للاحتياجات التي فرضها التوسع الإمبراطوري البريطاني حيث أن الحاجة في بعض البلدان المستعمرة والمتمسكة بأعرافها الدينية‚ كالهند مثلا‚ كانت ترفض أن تعالج النساء من طرف أطباء ذكور لذا عملت الجامعة على فتح أبوابها أمام الفتيات من اجل تخريج طبيبات ومدرسات للعمل في هذه المستعمرات البريطانية‚
أولا: المطلب العلمي والتربوي
أ- الوقائع تطعن في مصداقية سياسة التعليم المختلط:
يقول جاكي فيروجا: لقد اعتبرت سياسة الاختلاط في النظام التعليمي المدرسي الفرنسي الذكر مثيلا للأنثى وذلك من خلال ابتكار نوع جديد «الذكر المحايد» سواء كان تلميذا أو مدرسا‚ ذلك لان الذين عملوا على وضع المناهج التعليمية ونادوا بالاختلاط المدرسي لم يعيروا اهتماما للفوارق الطبيعية والاختلافات النفسية الفطرية الكامنة عند الذكور والإناث‚ سواء تعلق الأمر بالتلاميذ أو المدرسين على حد سواء‚ بل تجاوزوا هذه الخصوصية الجنسية المحددة ليبتكروا لنا نموذجا جديدا من فرط خيالهم سماه الكاتب بـ «الذكر المحايد»‚
وكمفارقة بديهية يظهرها الكاتب كلود زيدمان بقوله : في هذا المكان المختلط‚ أي المدرسة‚ ينحو التوجه التلقائي والطبيعي للتلاميذ نحو عدم الاختلاط‚ فهم في حاجة إلى تحديد خصوصيتهم الجنسية‚ ففي وسط ساحة المدرسة يلعب الذكور الألعاب العنيفة‚ في حين تملأ الفتيات جوانب هذه الساحة للقفز على الحبل‚ وإذا ما تركنا لهم الفرصة داخل الفصل لاختيار مقاعد جلوسهم فسنجد أن البنات يجلسن بمعزل عن الذكور‚ ولكن ورغم كل هذه الفروقات الطبيعية والتلقائية فان المدرسة تفرض عليهم مبدأ الاختلاط‚
ويقول ميشيل فيز «باحث في المركز الوطني للأبحاث العلمية والمستشار السابق لوزير الشباب والرياضة‚ فرنسا»: إن منهج التعليم المتبع والذي يدعو إلى الاختلاط يؤدي إلى نتائج سلبية‚ وهذا الأمر يؤثر على مردود الطالب‚ والطالبة على حد سواء‚ ويؤكد أن الاختلاط المدرسي حاليا لا يقلل من الفروقات الجنسية بين الطلبة بل على العكس من ذلك يعمقها ويؤججها: «قبل خمس عشرة سنة‚ يعلل ميشيل فيز‚ اظهر علماء الاجتماع أن الاختلاط بين الطلاب والطالبات يؤدي إلى تحريك العامل الجنسي في الذهنية الطلابية‚ ومن ثم فان الحرب الجنسية (على حد تعبيره) أصبحت واقعا ملاحظا في المرافق التعليمية‚ حتى أن هذه المعركة صارت مألوفة‚ وزادت من وتيرتها‚ وحسب التقرير المرفوع من السيد كزافيي داركو الوزير المنتدب لوزارة التربية والتعليم 12 مارس 2003: فان 1400 حالة اعتداء جنسي خطيرة تم إحصاؤها في السنة الدراسية 2001-2002 في 7859 إعدادية وثانوية‚
لكن رئيس اكاديمية تولوز السيد نيكول بيلوبيط فريه والمكلف بهذا الملف يؤكد أن هذه الأرقام ليست سوى الجزء الظاهر من الجبل الجليدي وان واقع التحرشات والمضايقات ذات الطابع الجنسي تعمل على إعاقة السير الطبيعي للتعليم وإنجاح العملية التربوية في المدارس والجامعات‚
وإذ لم تكن هذه السلبيات الأخلاقية ذات الانعكاسات الاجتماعية الخطيرة هي الوحيدة الناتجة عن سياسة الاختلاط‚ فان أسبابا أخرى مباشرة لا تقل عنها أهمية ــ ولا تدخل في المسمى الأخلاقي أو الضمير الديني ــ تظل تفرض حساسيتها البالغة من اجل تطبيق التعليم غير المختلط في مقابل الاختلاط‚
ب- الانعكاسات السلبية على واقع التدريس وتدني مستوى التحصيل العلمي عند الطلبة:
يقول ميشيل فيز: بدءا من 1970 أصبح المستوى التعليمي يتدنى في فرنسا وبشكل تصاعدي فالإحصائيات تشير إلى أن 5‚20% من المراهقين التي تصل أعمارهم إلى 15 سنة يقرأون النصوص بصعوبة‚ في مقابل 10% عند البنات‚ وذلك من خلال تحقيق أجرته منظمة التجارة والتنمية الاقتصادية سنة 2000‚
ويتابع أن ظاهرتين ملاحظتين في الآونة الأخيرة فرضتا الحوار حول جدوى الاستمرار في التعليم المختلط:
1- ارتفاع نسبة الرسوب المدرسي لدى الطلاب‚
2- ارتفاع حالة الاعتداءات والتحرشات الجنسية ضد الطالبات حتى في حرم المؤسسة المدرسية‚
في كندا يقول جانيل جوتييه المدير المشرف على رسائل الدكتوراه في علم النفس بجامعة لافال (كندا): قبل خمس أو ست سنوات أصبحت نسبة الطلاب الذين لا يتجاوزون التعليم الثانوي 30% وقد أدت هذه النتائج السلبية إلى فتح الحوار حول ضرورة الرجوع إلى النظام التعليمي غير المختلط‚
ت- ماذا عن سياسة عدم الاختلاط المدرسي؟
تقول بربرا شوارز: إن التعليم غير المختلط الذي تم تطبيقه في بعض المدارس العليا النموذجية في ألمانيا في السنوات المتأخرة أدى برغم مدته الوجيزة إلى:
- ازدياد عدد الطالبات في المواد العلمية والتقنية بشكل لم يسبق له مثيل‚
- إيجاد مناخ متميز استفاد منه الطلاب والطالبات على حد سواء‚
- نجاح باهر فيما يخص استقطاب الطالبات في المواد الهندسية والمعلوماتية‚
وفي آخر التقرير تؤكد الكاتبة بربرا شوارز على ضرورة إيجاد نخبة من المحاضرات والمدرسات ليصبحن نماذج يحتذى بها من طرف الطالبات‚
يعتبر النظام التعليمي غير المختلط في الولايات المتحدة الأميركية فكرة رائجة ففي سنة 1996 قامت ثانوية الهارليم ضمن أكثر من أربعين مؤسسة أخرى كتجربة رائدة بتبني نظام التعليم غير المختلط من أجل أن يسمح للطالبات بالحصول على نتائج دراسية مرضية وفي هذا السياق تؤكد مديرة المدرسة السيدة كاتلين بونز: لقد وفرنا الإطار المناسب تعليميا وتربويا من أجل التحصيل العلمي الايجابي للطالبات وبعيدا عن المضايقات الجانبية ولقد استطعنا في أربع سنوات رفع نسبة النجاح عند الطالبات من 50% الى 8‚93%‚
أما في كندا فيؤكد جانيل جوتييه المتخصص في علم النفس أن التجارب التي حظيت بها بعض المدارس من النظام التعليمي غير المختلط أدت إلى ارتفاع درجة الثقة الذاتية لدى الطلبة الذكور مبتعدين بذلك عن الانزواء أو الانطواء الذي كان يصيب بعضهم في التعليم المختلط بل أكثر من هذا فإن المدرسين قد أبدوا ملاحظاتهم حول التغيرات السلوكية الايجابية التي ظهرت عند الطلاب‚ وعلى مستوى الأرقام فإن بعض الفصول زادت نسبة نجاح الذكور فيها في مادة الرياضيات بنسبة 10%‚ وفي أثناء هذه التجربة لم يتم تغيير المناهج التعليمية ولكن تم تعديلها لتتناسب مع خصوصية كل من الطلاب والطالبات‚
يقول ميشيل فيز: إن الفصل بين الذكور والإناث في التعليم يسمح بفرص أكبر للطلبة للتعبير والإفصاح عن إمكاناتهم الذاتية‚ ولهذا نطالب بتطبيق النظام غير المختلط من أجل الحصول على نتائج دراسية أفضل‚ وفي حقيقة الأمر فإن الاختلاط في المدارس سياسة تربوية لم يتم التفكير بصددها قط‚ فهي من موروثات التاريخ ولا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال حلا مقبولا من أجل تعليم أفضل للتلاميذ‚
ثانيا: المطلب الديمقراطي:
ومن حقنا أن نسأل: هل الاختلاط المدرسي يحقق فعلا ديمقراطية التعليم؟
يجيبنا ميشيل فيز بقوله: لقد اعتقدنا ولفترات طويلة أن اختلاط الطلاب بالطالبات في المدارس يحمل قيمة ايجابية ذاتية «كونه ديمقراطيا» ولن ينتج عنه غير التعايش السلمي وتهذيب أخلاق الطلبة‚ ومن ثم فإن تحرير العقليات وانتشار الأفكار المدافعة عن حقوق المرأة سوف يدفعان إلى مزيد من الانسجام والرقي الاجتماعي‚ لكن تبين أن الحقيقة هي عكس ذلك تماما فبالرغم من أن الاختلاط في المدارس لا يؤدي دائما إلى الصراع أو العنف فان هذا التعايش بين الطلاب والطالبات ينم عن حساسية بالغة لم يتم الإفصاح عنها حتى الآن‚ لا احد الآن يجهل السلوكيات السلبية للطلاب تجاه الطالبات‚ ودراساتنا تؤكد أن هذا الانحدار الأخلاقي لا يقتصر فقط على الطلبة المعوزين فحسب (كما يعتقد البعض أو كما تروج له وسائل الإعلام) بل حتى أولئك المنحدرون من الأحياء الراقية‚
ويعلل الأكاديمي وعالم الاجتماع كلود زيدمان من كون الاختلاط المدرسي لا يؤدي بالضرورة إلى المساواة‚ بقوله: رغم أن الطلاب والطالبات يتم تدريسهم بشكل جماعي وفي نفس المؤسسات التعليمية إلا أن توجهاتهم الدراسية تختلف ولا يقطعون نفس المسار التعليمي‚ فالنساء والرجال لا يؤدون نفس الوظائف ولا يسلكون نفس التخصصات المهنية‚ ولا يؤدي الاختلاط بالضرورة كذلك إلى إيجاد علاقات منسجمة وودية فانتشار الاعتداءات تجاه المرأة والتي لم تعد تحتاج إلى بيان يؤكد سيطرة السلوكيات الجنسية السلبية‚ إن هذا النقاش الذي انطلق مؤخرا في فرنسا حول إنتاجية علاقات السيطرة والمرتبط بالتعليم المختلط تحكيما لمبدأ العدل (أي حق التعليم للجميع مع تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص) لا يشكك فقط في المصداقية التربوية للنظام التعليمي المختلط فحسب بل يعمل على اقتلاع جذوره لحساب تطور يدعو إلى الفصل بين الجنسين في التعليم‚ ويضيف اندري جيوفاني مدير تحرير مجلة الصحة: إن تحقيق مبدأ العدل يؤدي إلى احترام الاختلافات البيولوجية التي تجعل من الرجل والمرأة والولد والفتاة أشخاصا منسجمين في علاقة تكاملية‚ ويتيح لهم الفرصة بذلك على إبراز طاقاتهم كل حسب مواصفاته الخاصة‚ (ولعمري هذا ما يطابق الفطرة السليمة والعقل السوي)‚ وعلى نفس الوتيرة يقول ميشيل فيز: انه من المستحسن تحقيق العدل بدلا من المساواة لان الاختلاط المدرسي لم يحقق المساواة بين الطلاب والطالبات ناهيك عن تحقيق تكافؤ الفرص‚ ولعل هذا ما يقوض من الديمقراطية في الحوار المفتوح مؤخرا في الغرب حول سياسة التعليم المختلط أو البديل غير المختلط والذي يؤكد ميشيل فيز على استمراريته لعدة قرون‚ في حين لا يعدو أن يكون التعليم المختلط سوى قوسين فتحا بعد الحرب العالمية الثانية ليظهر مفاسده بعد أربعين سنة على وجوده‚ وفي ختام هذه الورقة نود أن نشير إلى استطلاع رأي أجراه الباحث أنيه فان زنتان في فرنسا مهد العلمانية‚ يؤكد أن الطبقات الاجتماعية الوسطى والراقية تشكك أكثر فأكثر في مصداقية التعليم المختلط بدعوى انه يعمل على إضعاف إمكانية التحصيل العلمي‚ كما يضعف محتواه‚ كما يأملون في إيجاد بديل تعليمي آخر يسمح لأبنائهم بالدراسة المتميزة والتحصيل العلمي الجيد‚ ويقول ميشيل فيز إن المدارس غير المختلطة في بريطانيا والتي تفتح أبوابها لأبناء الطبقة المتوسطة وما دون ذلك هي التي تحقق نجاحا ملحوظا وباهرا
ريهام محروس حسن احمد- المساهمات : 6
تاريخ التسجيل : 01/03/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى