المفاهيم : تعريفها ، خصائصها ، تصنيفها ، وتدريسها
صفحة 1 من اصل 1
المفاهيم : تعريفها ، خصائصها ، تصنيفها ، وتدريسها
ماهية المفهوم :
منذ أن وجدَ الانسان على الأرض وهو يحاول فهم هذا العالم من خلال تعامله مع الأشياء والمدركات الحسية العديدة ومروره بالخبرات والمواقف المختلفة وفي محاولته هذه كان يلجأ دائما الى عقدِ المقارنات بين الأشياء التي يتعامل معها والخبرات والمواقف التي يمرُ بها لايجاد اوجه الاختلاف واوجه الشبه بينها ، ثم يقوم بتصنيفها الى فئات او اصنافٍ بناءً على خصائصِها المشتركة ، لكي تكون اكثرَ فهماً بالنسبةِ له ، واكثرَ قابلية للتطبيقِ في المواقفِ الأُخرى الجديدةِ .
وبعملية التصنيف هذه تمكن الإنسان من اختصار العديد من الجزئيات والأشياء ، واصبح بمقدوره أن يستجيبَ لمجموعةٍ من الأشياءِ المتشابهةِ وغيرِ المتطابقةِ باستجابة واحدة هي مفهومه عنها ، ومع نمو الانسان ومروره بمزيدِ من المعارفِ والخبراتِ ، وازدياد قدرته على التفكيرِ المجردِ ، فقد نمتْ مفاهيمه وتوسعتْ ، ولم يعد يتعامل مع الأشياء او المدركات الحسية فحسب وانما انتقل الى التعامل مع المجردات والتعميمات المعقدة ، وهكذا نشأتْ المفاهيمُ لدى الانسان ثم تطورتْ واتسعتْ. ( سعادة واليوسف ، 1988 ،ص58 ـ59)
إن معظم الكلمات في اية لغةٍ من اللغاتِ تشيرُ الى اصنافٍ وفئاتٍ من الرموزِ او الأشياء او الحوادث اكثر من اشارتها الى شواهدِ هذه الفئات وعادة يكون من الضروري استخدام كلمات محددة لجعل كلمة واحدة من هذه الأصناف العامة تشير الى شاهدٍ بعينه . (ميرل وتينسون ، 1993 ، ص7)
وحقيقة الامر ان هذه الاصناف والفئات والاشياء والحوادث تكوّن الموجودات حول الانسان " ويدرك الإنسانُ مفهوم الموجودات التي يحسُّ بها ويجدُ كل واحدٍ منها لا ينطبق على الآخرِ ولا يصدق إلا على ذلك الموجود وحده . ( المظفر ، 1423هـ ق ، ص73 )
إن فلسفة العلمِ تتناول تحليل المفاهيم من جوانبَ مختلفةٍ وكذلك تعريفَ المفاهيم والشروطِ المنطقيةِ التي يجبُ توافرها في التعريفِ فضلاً عن مناقشةِ البناءِ المنطقي للمفاهيم وشروطه.
إن تحليل المفاهيم ياخذ أهميته من كونِهِ يوضحُ لنا الشروط المنطقية التي يجبُ ان تستوفيها عملية صياغة المفاهيم او تعريفها او اشتقاقها وطبيعة العلاقة التي تربطُ المفهوم بالخبرةَ او تربطه بمفاهيم أُخرى في النظريةِ. (معهد الدراسات القومية والاشتراكية ،1988، ص41ـ42)
وتختلف تعريفات المفهوم تبعاً للنظرة الخاصة بكلِ علمٍ او مجال من مجالات التفكير الانساني ، فكل علمٍ ينظر الى المفهوم من زاوية خاصة .
فالمفهوم عند المناطقة يشير الى السمات والخصائص الجوهرية التي تميز الأشياء او الأحداث او الأسماء عن بعضها البعض وترسم صورة ذهنية لمنطوق الشيء ذاته .
أما معنى المفهوم في العلوم النفسية فانه يشير الى مجموعة السمات او الدلالات التي تستدعيها القوى الادراكية عند سماع منطوق كلمة ما لتجميع صورة ذهنية لهذه الكلمة لتمييزها عن غيرها من الأشياء .
إن التعريفات المنطقية تقوم على أساس البحث عن الصفات او السمات الجوهرية التي تميز هذه المفاهيم عن غيرها من مجموعة الأشياء او الأشخاص او الرموز الداخلة معها في الجنس .في حين إن التعريفات النفسية تقوم على اساس البحث عن صورة ذهنية يكونها الفرد عن الأشياء او الأشخاص او الرموز الداخلة معها في الجنس. ( الخوالدة وآخرون ، 1995، ص125 )
المفهوم في اللغة : معرفتك الشيء بالقلب ، فهمَه فهماً وفَهماً وفهامة، وفهمت الشيء : عرفته وفهمّتُ فلانا وافهمته وتفهم الكلام : فهمه شيئا بعد شي ، ورجلٌ فهمٌ : سريع الفهم وافهمه الامر وفهمّه اياه : جعله يفهمه .
( ابن منظور ، 1986 ، ج ،12ص459)
وفي الاصطلاح :
ـ تعريف قلادة " المفاهيمُ أنظمةُ معقدةُ من الافكار الاكثر تجريداً والتي يمكن بناؤها فقط من خبرات متعاقبة في مختلف المجالات . ( قلادة ، 1979 ، ص245 )
ـ تعريف القاسمي : " تمثيلٌ فكريٌ لشيء ما ( محسوسٍ او مجردٍ ) او لصنف من الأشياء لها صفات مشتركة ويعبر عنه بمصطلحٍ او برمزٍ . ( القاسمي ، 1985 ، ص213 )
ـ تعريف زيتون : " مصطلحٌ يتضمنُ مجموعةً من الافكار التي تم تعميقُها من مناسبات او ملاحظات او مواقف معينة ". ( زيتون ، 1986 ، ص86 )
ـ تعريف سعادة واليوسف : "مجموعةٌ من الأشياءِ او الأشخاصِ او الحوادثِ او العمليات ، التي يمكن جمعها معاً على اساسِ صفةٍ مشتركةٍ او اكثرِ والتي يمكن أن يشار اليها باسمٍ او رمزٍ معين " ( سعادة واليوسف ،1988 ، ص61 )
ـ تعريف الازيرجاوي : " فئةٌ من المثيرات بينها خصائص مشتركة وهذه المثيرات قد تكون اشياءٌ او احداثٌ او اشخاصٌ او غير ذلك ".( الازيرجاوي ،1991، ص299 )
ـ تعريف ميرل وتينسون : " عبارةٌ عن زمرةٍ من الأشياءِ او الرموزِ او الحوادثِ جُمعت بعضُها الى بعضٍ على اساسِ خصائصٍ مشتركةٍ يشارُ اليها باسم او رمز معين . ( ميرل وتينسون ،1992، ص7)
ـ تعريف حافظ " هو المعنى المجردُ او المدركُ الكليُّ ، اي الماهية المجردة عن المادةِ الشخصيةِ وعن الأغراضِ اللازمةِ للمادةِ ". ( حافظ ،2002 ، ص146 )
وبناءً على ذلك قامت التعريفات المتعددة للمفهوم والتي وبصورة عامة نستطيع القول إن المفاهيم طرز من الحوافز او المثيرات ولها صفات وخصائص شائعة. وقد تكون هذه المثيرات اشياء او احداث او اشخاص مثل الكتاب او الحرب او المرأة او العقاقير وكل المفاهيم ترجع او تنطلق من طرز المثيرات ، ولكن ليس كل المثيرات مفاهيم و احيانا لا تكون المفاهيم منسجمة مع خبراتنا الشخصية ،فهي دائما تستدعي محاولاتنا لتوضيح وضبط وتصنيف فهمنا وادراكنا لها وخبرتنا معها . (البغدادي ، 1979 ، ص81)
خصائص المفهوم :
تتميز المفاهيم عن الحقائق العلمية او القوانين بمجموعة من الخصائص ، وللمفاهيم صفاتها التي من خلالها يمكن ان نطلق على شيء ما ( مفهوم ) دون سواه .
وقد تختلف خصائص المفهوم من حيث عددها او صلتها بالمفهوم وقدرتها على التمييز فقد تكون خاصية واحدة او اكثر من خاصية ، وقد تكون بعض الخصائص متصلة بالمفهوم وبعضها غير ذي صلة به ، وبعضها يساعد على تمييز المفهوم عن غيره بدرجة كبيرة عن البعض الاخر.(جابر ، 1977 ، ص319)
ومن الضروري عند التطرق الى خصائص المفهوم تبيان الفرق بين خصائص المفهوم و خصائص الحقيقة ، فقد ميز ( جراغ وجاسم ) بين المفهوم والحقيقة بالخصائص الثلاث الآتية :
1ـ التمييز : اي ان المفهوم عبارة عن تصنيف الأشياء او المواقف ويتم التمييز بينها وفقا لعناصر مشتركة . وبذلك يكون المفهوم اكثر امكانية في تلخيص المعارف والخبرات الانسانية .
2ـ التعميم : فالمفهوم لا ينطبق على شيء او موقف واحد كما هو الحال في الحقيقة ، بل ينطبق على مجموعة من الأشياء والمواقف وبذلك فهو اكثر شمولية من الحقيقة.
3ـ الرمزية : فالمفهوم يرمز فقط لخاصية او مجموعة من الخصائص المجردة ولذلك فهو اكثر تجريدا من الحقيقة .(سعادة واليوسف ، 1988، ص60)
و تتميز المفاهيم عن الحقائق بعدد آخر من الخصائص منها :
1ـ إنها قليلة العدد نسبيا اذا ما قورنت بالحقائق اذ يحتوي العلم على عدد من المفاهيم اقل من الحقائق العلمية.
2ـ ان المفاهيم اكثر ثباتا من الحقائق ، فالحقائق قابلة للتعديل والتغيير ، والمفاهيم وان كانت كذلك الا ان سرعة تغيرها اقل نسبيا من الحقائق.
3ـ ان المفاهيم تساعد على ربط الكثير من الحقائق بعضها ببعض لذلك فهي يمكن ان تستخدم في توفير علاقة بين الحقائق المختلفة وجعلها مترابطة بصورة يسهل تعلمها.
4ـ انها اكثر استخداما من الحقائق . فالمفاهيم يمكن استخدامها كثيرا في تفسير الظواهر وفي مواجهة بعض المواقف التعليمية ولذلك فانها تكون اسهل تذكرا من الحقائق ولا تنسى سريعا. (نادر واخرون ،1991، ص19ـ20 )
إن معظم الصفات والخصائص ذات مدى واسع من القيمة ، فصفة الحجم تتراوح من الدقيق الى الضخم وصفة الوزن تتراوح من الخفيف الى الثقيل وتختلف في عدد صفاتها او خصائصها ، فالمفاهيم المعقدة ذات خصائص ومميزات اكثر من الأُخرى البسيطة ، فصفات الكرة قليلة ولكن صفات وخصائص الديمقراطية عديدة ومعقدة وهنالك بعض الصفات و الخصائص تلاحظ وتدرك بسهولة وسرعة اكثر من الأُخرى .
( البغدادي ، 1979 ، ص63)
ان اهم ما يميز المفهوم تضمنه لظاهرتين اساسيتين هما ،الصفات والقواعد ، اما الصفات فيقصد بها المظاهر الأساسية او الخصائص المميزة ذات العلاقة بالمفهوم والتي على اساسها يتم تمييز امثلة المفهوم ووضعها في الصف ، واما قواعد المفهوم فتشير الى الطرق المختلفة التي تنتظم بوساطتها صفاته المميزة .وقد تنتظم الصفات المميزة في مفهوم ما وفق قاعدة معينة في حين تنتظم الصفات المميزة لمفهوم آخر وفق قاعدة أُخرى . (سعادة واليوسف ، 1988، ص77)
وقد حدد(براون Brown ) خمس قواعد اساسية للمفهوم هي :
1ـ قاعدة الإثبات :Affilmation Rule :
تشير هذه القاعدة الى اثبات او تطبيق صفة مميزة معينة على شيء او مثير ما ، ليكون مثالاً على المفهوم .
2ـ قاعدة التجميعية او الاقترانية: Rule Conjunction
تشير هذه القاعدة الى صفتين مميزتين او اكثر ينبغي توافرها معا في الشيء او المثير لكي يكون مثالا على المفهوم.
3ـ قاعدة التضمين الانفصالي او الاقتراني :Inclusive Disjancbive Rule
تشير هذه القاعدة الى تطبيق صفات مميزة منفصلة او مقترنة بالأشياء او المثيرات لتشكل امثلة على المفهوم وتستخدم هذه القاعدة ، النمط ( اما /او ) اي أن تتوافر الصفة ( أ ) او الصفة( ب )في الشيء او المثير الذي يكون مثالا على المفهوم .
4ـ قاعدة الشرط المفرد:Conditional Rule
تشير هذهِ القاعدة الى وجود صفة مميزة معينة اذا توافرت صفة مميزة أُخرى لتحديد مثالا للمفهوم وتتخذ هذه القاعدة صيغة ( اذا ….اذن )فاذا كان المفهوم المقصود يتضمن صفتين مميزتين مثل ( أ ) ، ( ب ) فان هذه القاعدة تشترط الصيغة الاتية : اذا حدثت ( أ ) اذن يجب ان تحدث ( ب) اما اذا حدثت ( ب ) فليس من الضروري ان تحدث ( أ ) .
5ـ قاعدة الشرط المزدوج :Biconditional Rule
تنص هذه القاعدة على توفر شرط متبادل بين صفتين مميزتين بحيث اذا توافرت ايٌ منهما توافرت الأُخرى حتما لتحديد امثلة المفهوم ، وتأخذ هذه القاعدة الصيغة المركبة الآتية ( اذا … اذن ، واذا … اذن )فأذا كان المفهوم المقصود يتضمن خاصيتين مميزتين مثل ( أ ) ، ( ب ) فان العبارة تكون كالاتي : اذا حدثت الصفة ( أ ) اذن تحدث الصفة ( ب ) واذا حدثت الصفة ( ب ) تحدث الصفة ( أ ) حتماً.
وتعد هذه القواعد قواعد منطقية تصف العلاقة المحتملة القائمة بين الصفات المميزة لمختلف المفاهيم .(سعادة واليوسف ، 1988 ، ص78ـ 80)
تصنيف المفاهيم :
تعددت تصنيفات المفاهيم تبعاً لتعدد زوايا الرؤية للمفهوم من قبل الباحثين ، وتبعاً لتخصص الباحث ، لذلك نجد ان تصنيفات المفاهيم قد تأتي متداخلة فيما بينها ؛ اي ان المفهوم الواحد ممكن ان يكون في صنف معين في تصنيف ما ، وفي صنف اخر في تصنيف ثانٍ دون حدوث تقاطع في ذلك ، وفيما ياتي استعراض لبعض التصنيفات للمفهوم .
اولا :ـ تصنيف هوفر :
عالج هوفر التنظيم الهرمي للمفاهيم وحدد لها مستويات نعرضها فيما يأتي بايجاز :
1ـ المفهوم التصنيفي Classificational concept )
وهو الذي يصف الخصائص الاساسية ويحددها ويوضحها .
2 ـ المفهوم الارتباطي Correlational concept )
وهو الذي يركز على العلاقة او العلاقات بين مفهومين عرضيين او اكثر .
3ـ المفهوم النظري Theoretical conoept )
وهذا المفهوم يتضمن علاقة او علاقات بين الأفكار .
منذ أن وجدَ الانسان على الأرض وهو يحاول فهم هذا العالم من خلال تعامله مع الأشياء والمدركات الحسية العديدة ومروره بالخبرات والمواقف المختلفة وفي محاولته هذه كان يلجأ دائما الى عقدِ المقارنات بين الأشياء التي يتعامل معها والخبرات والمواقف التي يمرُ بها لايجاد اوجه الاختلاف واوجه الشبه بينها ، ثم يقوم بتصنيفها الى فئات او اصنافٍ بناءً على خصائصِها المشتركة ، لكي تكون اكثرَ فهماً بالنسبةِ له ، واكثرَ قابلية للتطبيقِ في المواقفِ الأُخرى الجديدةِ .
وبعملية التصنيف هذه تمكن الإنسان من اختصار العديد من الجزئيات والأشياء ، واصبح بمقدوره أن يستجيبَ لمجموعةٍ من الأشياءِ المتشابهةِ وغيرِ المتطابقةِ باستجابة واحدة هي مفهومه عنها ، ومع نمو الانسان ومروره بمزيدِ من المعارفِ والخبراتِ ، وازدياد قدرته على التفكيرِ المجردِ ، فقد نمتْ مفاهيمه وتوسعتْ ، ولم يعد يتعامل مع الأشياء او المدركات الحسية فحسب وانما انتقل الى التعامل مع المجردات والتعميمات المعقدة ، وهكذا نشأتْ المفاهيمُ لدى الانسان ثم تطورتْ واتسعتْ. ( سعادة واليوسف ، 1988 ،ص58 ـ59)
إن معظم الكلمات في اية لغةٍ من اللغاتِ تشيرُ الى اصنافٍ وفئاتٍ من الرموزِ او الأشياء او الحوادث اكثر من اشارتها الى شواهدِ هذه الفئات وعادة يكون من الضروري استخدام كلمات محددة لجعل كلمة واحدة من هذه الأصناف العامة تشير الى شاهدٍ بعينه . (ميرل وتينسون ، 1993 ، ص7)
وحقيقة الامر ان هذه الاصناف والفئات والاشياء والحوادث تكوّن الموجودات حول الانسان " ويدرك الإنسانُ مفهوم الموجودات التي يحسُّ بها ويجدُ كل واحدٍ منها لا ينطبق على الآخرِ ولا يصدق إلا على ذلك الموجود وحده . ( المظفر ، 1423هـ ق ، ص73 )
إن فلسفة العلمِ تتناول تحليل المفاهيم من جوانبَ مختلفةٍ وكذلك تعريفَ المفاهيم والشروطِ المنطقيةِ التي يجبُ توافرها في التعريفِ فضلاً عن مناقشةِ البناءِ المنطقي للمفاهيم وشروطه.
إن تحليل المفاهيم ياخذ أهميته من كونِهِ يوضحُ لنا الشروط المنطقية التي يجبُ ان تستوفيها عملية صياغة المفاهيم او تعريفها او اشتقاقها وطبيعة العلاقة التي تربطُ المفهوم بالخبرةَ او تربطه بمفاهيم أُخرى في النظريةِ. (معهد الدراسات القومية والاشتراكية ،1988، ص41ـ42)
وتختلف تعريفات المفهوم تبعاً للنظرة الخاصة بكلِ علمٍ او مجال من مجالات التفكير الانساني ، فكل علمٍ ينظر الى المفهوم من زاوية خاصة .
فالمفهوم عند المناطقة يشير الى السمات والخصائص الجوهرية التي تميز الأشياء او الأحداث او الأسماء عن بعضها البعض وترسم صورة ذهنية لمنطوق الشيء ذاته .
أما معنى المفهوم في العلوم النفسية فانه يشير الى مجموعة السمات او الدلالات التي تستدعيها القوى الادراكية عند سماع منطوق كلمة ما لتجميع صورة ذهنية لهذه الكلمة لتمييزها عن غيرها من الأشياء .
إن التعريفات المنطقية تقوم على أساس البحث عن الصفات او السمات الجوهرية التي تميز هذه المفاهيم عن غيرها من مجموعة الأشياء او الأشخاص او الرموز الداخلة معها في الجنس .في حين إن التعريفات النفسية تقوم على اساس البحث عن صورة ذهنية يكونها الفرد عن الأشياء او الأشخاص او الرموز الداخلة معها في الجنس. ( الخوالدة وآخرون ، 1995، ص125 )
المفهوم في اللغة : معرفتك الشيء بالقلب ، فهمَه فهماً وفَهماً وفهامة، وفهمت الشيء : عرفته وفهمّتُ فلانا وافهمته وتفهم الكلام : فهمه شيئا بعد شي ، ورجلٌ فهمٌ : سريع الفهم وافهمه الامر وفهمّه اياه : جعله يفهمه .
( ابن منظور ، 1986 ، ج ،12ص459)
وفي الاصطلاح :
ـ تعريف قلادة " المفاهيمُ أنظمةُ معقدةُ من الافكار الاكثر تجريداً والتي يمكن بناؤها فقط من خبرات متعاقبة في مختلف المجالات . ( قلادة ، 1979 ، ص245 )
ـ تعريف القاسمي : " تمثيلٌ فكريٌ لشيء ما ( محسوسٍ او مجردٍ ) او لصنف من الأشياء لها صفات مشتركة ويعبر عنه بمصطلحٍ او برمزٍ . ( القاسمي ، 1985 ، ص213 )
ـ تعريف زيتون : " مصطلحٌ يتضمنُ مجموعةً من الافكار التي تم تعميقُها من مناسبات او ملاحظات او مواقف معينة ". ( زيتون ، 1986 ، ص86 )
ـ تعريف سعادة واليوسف : "مجموعةٌ من الأشياءِ او الأشخاصِ او الحوادثِ او العمليات ، التي يمكن جمعها معاً على اساسِ صفةٍ مشتركةٍ او اكثرِ والتي يمكن أن يشار اليها باسمٍ او رمزٍ معين " ( سعادة واليوسف ،1988 ، ص61 )
ـ تعريف الازيرجاوي : " فئةٌ من المثيرات بينها خصائص مشتركة وهذه المثيرات قد تكون اشياءٌ او احداثٌ او اشخاصٌ او غير ذلك ".( الازيرجاوي ،1991، ص299 )
ـ تعريف ميرل وتينسون : " عبارةٌ عن زمرةٍ من الأشياءِ او الرموزِ او الحوادثِ جُمعت بعضُها الى بعضٍ على اساسِ خصائصٍ مشتركةٍ يشارُ اليها باسم او رمز معين . ( ميرل وتينسون ،1992، ص7)
ـ تعريف حافظ " هو المعنى المجردُ او المدركُ الكليُّ ، اي الماهية المجردة عن المادةِ الشخصيةِ وعن الأغراضِ اللازمةِ للمادةِ ". ( حافظ ،2002 ، ص146 )
وبناءً على ذلك قامت التعريفات المتعددة للمفهوم والتي وبصورة عامة نستطيع القول إن المفاهيم طرز من الحوافز او المثيرات ولها صفات وخصائص شائعة. وقد تكون هذه المثيرات اشياء او احداث او اشخاص مثل الكتاب او الحرب او المرأة او العقاقير وكل المفاهيم ترجع او تنطلق من طرز المثيرات ، ولكن ليس كل المثيرات مفاهيم و احيانا لا تكون المفاهيم منسجمة مع خبراتنا الشخصية ،فهي دائما تستدعي محاولاتنا لتوضيح وضبط وتصنيف فهمنا وادراكنا لها وخبرتنا معها . (البغدادي ، 1979 ، ص81)
خصائص المفهوم :
تتميز المفاهيم عن الحقائق العلمية او القوانين بمجموعة من الخصائص ، وللمفاهيم صفاتها التي من خلالها يمكن ان نطلق على شيء ما ( مفهوم ) دون سواه .
وقد تختلف خصائص المفهوم من حيث عددها او صلتها بالمفهوم وقدرتها على التمييز فقد تكون خاصية واحدة او اكثر من خاصية ، وقد تكون بعض الخصائص متصلة بالمفهوم وبعضها غير ذي صلة به ، وبعضها يساعد على تمييز المفهوم عن غيره بدرجة كبيرة عن البعض الاخر.(جابر ، 1977 ، ص319)
ومن الضروري عند التطرق الى خصائص المفهوم تبيان الفرق بين خصائص المفهوم و خصائص الحقيقة ، فقد ميز ( جراغ وجاسم ) بين المفهوم والحقيقة بالخصائص الثلاث الآتية :
1ـ التمييز : اي ان المفهوم عبارة عن تصنيف الأشياء او المواقف ويتم التمييز بينها وفقا لعناصر مشتركة . وبذلك يكون المفهوم اكثر امكانية في تلخيص المعارف والخبرات الانسانية .
2ـ التعميم : فالمفهوم لا ينطبق على شيء او موقف واحد كما هو الحال في الحقيقة ، بل ينطبق على مجموعة من الأشياء والمواقف وبذلك فهو اكثر شمولية من الحقيقة.
3ـ الرمزية : فالمفهوم يرمز فقط لخاصية او مجموعة من الخصائص المجردة ولذلك فهو اكثر تجريدا من الحقيقة .(سعادة واليوسف ، 1988، ص60)
و تتميز المفاهيم عن الحقائق بعدد آخر من الخصائص منها :
1ـ إنها قليلة العدد نسبيا اذا ما قورنت بالحقائق اذ يحتوي العلم على عدد من المفاهيم اقل من الحقائق العلمية.
2ـ ان المفاهيم اكثر ثباتا من الحقائق ، فالحقائق قابلة للتعديل والتغيير ، والمفاهيم وان كانت كذلك الا ان سرعة تغيرها اقل نسبيا من الحقائق.
3ـ ان المفاهيم تساعد على ربط الكثير من الحقائق بعضها ببعض لذلك فهي يمكن ان تستخدم في توفير علاقة بين الحقائق المختلفة وجعلها مترابطة بصورة يسهل تعلمها.
4ـ انها اكثر استخداما من الحقائق . فالمفاهيم يمكن استخدامها كثيرا في تفسير الظواهر وفي مواجهة بعض المواقف التعليمية ولذلك فانها تكون اسهل تذكرا من الحقائق ولا تنسى سريعا. (نادر واخرون ،1991، ص19ـ20 )
إن معظم الصفات والخصائص ذات مدى واسع من القيمة ، فصفة الحجم تتراوح من الدقيق الى الضخم وصفة الوزن تتراوح من الخفيف الى الثقيل وتختلف في عدد صفاتها او خصائصها ، فالمفاهيم المعقدة ذات خصائص ومميزات اكثر من الأُخرى البسيطة ، فصفات الكرة قليلة ولكن صفات وخصائص الديمقراطية عديدة ومعقدة وهنالك بعض الصفات و الخصائص تلاحظ وتدرك بسهولة وسرعة اكثر من الأُخرى .
( البغدادي ، 1979 ، ص63)
ان اهم ما يميز المفهوم تضمنه لظاهرتين اساسيتين هما ،الصفات والقواعد ، اما الصفات فيقصد بها المظاهر الأساسية او الخصائص المميزة ذات العلاقة بالمفهوم والتي على اساسها يتم تمييز امثلة المفهوم ووضعها في الصف ، واما قواعد المفهوم فتشير الى الطرق المختلفة التي تنتظم بوساطتها صفاته المميزة .وقد تنتظم الصفات المميزة في مفهوم ما وفق قاعدة معينة في حين تنتظم الصفات المميزة لمفهوم آخر وفق قاعدة أُخرى . (سعادة واليوسف ، 1988، ص77)
وقد حدد(براون Brown ) خمس قواعد اساسية للمفهوم هي :
1ـ قاعدة الإثبات :Affilmation Rule :
تشير هذه القاعدة الى اثبات او تطبيق صفة مميزة معينة على شيء او مثير ما ، ليكون مثالاً على المفهوم .
2ـ قاعدة التجميعية او الاقترانية: Rule Conjunction
تشير هذه القاعدة الى صفتين مميزتين او اكثر ينبغي توافرها معا في الشيء او المثير لكي يكون مثالا على المفهوم.
3ـ قاعدة التضمين الانفصالي او الاقتراني :Inclusive Disjancbive Rule
تشير هذه القاعدة الى تطبيق صفات مميزة منفصلة او مقترنة بالأشياء او المثيرات لتشكل امثلة على المفهوم وتستخدم هذه القاعدة ، النمط ( اما /او ) اي أن تتوافر الصفة ( أ ) او الصفة( ب )في الشيء او المثير الذي يكون مثالا على المفهوم .
4ـ قاعدة الشرط المفرد:Conditional Rule
تشير هذهِ القاعدة الى وجود صفة مميزة معينة اذا توافرت صفة مميزة أُخرى لتحديد مثالا للمفهوم وتتخذ هذه القاعدة صيغة ( اذا ….اذن )فاذا كان المفهوم المقصود يتضمن صفتين مميزتين مثل ( أ ) ، ( ب ) فان هذه القاعدة تشترط الصيغة الاتية : اذا حدثت ( أ ) اذن يجب ان تحدث ( ب) اما اذا حدثت ( ب ) فليس من الضروري ان تحدث ( أ ) .
5ـ قاعدة الشرط المزدوج :Biconditional Rule
تنص هذه القاعدة على توفر شرط متبادل بين صفتين مميزتين بحيث اذا توافرت ايٌ منهما توافرت الأُخرى حتما لتحديد امثلة المفهوم ، وتأخذ هذه القاعدة الصيغة المركبة الآتية ( اذا … اذن ، واذا … اذن )فأذا كان المفهوم المقصود يتضمن خاصيتين مميزتين مثل ( أ ) ، ( ب ) فان العبارة تكون كالاتي : اذا حدثت الصفة ( أ ) اذن تحدث الصفة ( ب ) واذا حدثت الصفة ( ب ) تحدث الصفة ( أ ) حتماً.
وتعد هذه القواعد قواعد منطقية تصف العلاقة المحتملة القائمة بين الصفات المميزة لمختلف المفاهيم .(سعادة واليوسف ، 1988 ، ص78ـ 80)
تصنيف المفاهيم :
تعددت تصنيفات المفاهيم تبعاً لتعدد زوايا الرؤية للمفهوم من قبل الباحثين ، وتبعاً لتخصص الباحث ، لذلك نجد ان تصنيفات المفاهيم قد تأتي متداخلة فيما بينها ؛ اي ان المفهوم الواحد ممكن ان يكون في صنف معين في تصنيف ما ، وفي صنف اخر في تصنيف ثانٍ دون حدوث تقاطع في ذلك ، وفيما ياتي استعراض لبعض التصنيفات للمفهوم .
اولا :ـ تصنيف هوفر :
عالج هوفر التنظيم الهرمي للمفاهيم وحدد لها مستويات نعرضها فيما يأتي بايجاز :
1ـ المفهوم التصنيفي Classificational concept )
وهو الذي يصف الخصائص الاساسية ويحددها ويوضحها .
2 ـ المفهوم الارتباطي Correlational concept )
وهو الذي يركز على العلاقة او العلاقات بين مفهومين عرضيين او اكثر .
3ـ المفهوم النظري Theoretical conoept )
وهذا المفهوم يتضمن علاقة او علاقات بين الأفكار .
محمد صلاح عبد الحميد عبد- المساهمات : 88
تاريخ التسجيل : 01/04/2010
العمر : 35
الموقع : www.wady.webgoo.com
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى