social studies netgroup
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التاريخ بين الاسطورة والواقع

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

طرائق تدريس دراسات اجتماعية التاريخ بين الاسطورة والواقع

مُساهمة  دكتورة_صفاء السبت أبريل 11, 2009 3:51 am

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا كانت الأسطورة متخيلاً إنسانياً لأحداث لا تنتمي إلى المعقول، ولا إلى الواقع المحكوم بعلاقات سببية واقعية موضوعية فإن المؤرخ العربي ـ الإسلامي لم يكن قادراً على التمييز بين الأسطورة والواقع دائماً، وتعامل مع الأساطير على أنها وقائع حدثت فعلاً. والسبب الرئيسى أن وعيه التاريخي لم ينفصل عن وعيه الديني، ولهذا تعامل مع التوراة والقرآن الكريم كمرجعين تاريخيين، التوراة بما يتضمنه من أساطير حول العالم وحول تاريخ اليهود، والقرآن بما يتضمنه من قصص الأنبياء. فالتوراة شكلت مرجعاً أساسياً لدى جميع المؤرخين الإسلاميين وهم يؤرخون لمرحلة ما قبل الإسلام بدءاً من تاريخ البشرية وحتى آخر ملوك بني إسرائيل. بل إن بعض المؤرخين الأوربيين المعاصرين ما زالوا يرجعون إلى التوراة لرصد تاريخ المنطقة، ولكن مع تعامل جديد وتحريره من الأسطورة. وإذا كان هناك ما يبرر عودة المؤرخ الإسلامي للتوراة مرجعاً، فإن العودة إليه الآن بعد الكشوفات الأثرية وفك رموز اللغات القديمة، وتطور مناهج البحث التاريخي ليس له ما يبرزه إطلاقاً.

أجل لقد انتقلت أساطير التوراة إلى كتب التاريخ العربي - الإسلامي بوصفها تاريخاً ووقائع دون أي إعمال للنقد بهذه الأساطير، وآية ذلك أن المؤرخ الإسلامي، إضافة إلى وعيه الديني بالعالم لم يجد أمامه إلا هذا المرجع ليسد الفراغ في معرفة تاريخ المنطقة، هذا من جهة، ولأنه اعترف باليهودية كدين سماوي من جهة ثانية إلى الحد الذي تعامل مع أكثر ملوك "إسرائيل" بوصفهم أنبياء.

فهذا الطبري ينقل عن التوراة حرفياً، تسلسل البشرية عن آدم، فشيت بن آدم عاش (تسعمائة سنة وإثنا عشرة سنة)، وعاش أنوش بن شيت (تسعمائة سنة وخمس سنين) وعاش قينان بن أنوش (تسعمائة سنة وعشر سنين) وعاش مهلائيل بن قينان (ثمانمائة سنة وثلاثين سنة) وهكذا... (3) لكن العودة إلى التوراة لم تمنع المؤرخ العربي من إعمال خياله الأسطوري إلى جانب أساطير التوراة، فالتوراة مثلاً لا تذكر موت إبراهيم إلا في سطور قليلة حيث بات شيخاً مشبعاً بالأيام...

أما خيال المؤرخ العربي فقد أضاف: "فلما أراد الله تبارك وتعالى قبض روح إبراهيم، صلى الله عليه وسلم، أرسل إليه ملك الموت في صورة شيخ هرم، فحدثني موسى بن هارون قال حدثنا عمرو بن حماه قال: حدثنا أسباط عن السدي بالإسناد الذي ذكرته قيل: كان إبراهيم كثير الطعام يطعم الناس ويضيفهم، فبينما هو يطعم الناس إذا بشيخ يمشي في الحرة، فبعث إليه بحماره فركبه حتى أتاه أطعمه، فجعل الشيخ يأخذ اللقمة يريد أن يدخلها فاه، فيدخلها عينه وأذنه ثم يدخلها فاه، فإذا دخلت جوفه خرجت من دبره، وكان إبراهيم قد سأل ربه عز وجل ألا يقبض روحه حتى يكون هو الذي يسأله الموت.

فقال للشيخ حين رأى من حاله ما رأى: ما بالك يا شيخ تصنع هذا؟ قال: يا إبراهيم الكبر. قال: ابن كم أنت؟ فزاد على عمر إبراهيم سنتين. فقال إبراهيم: إنما بيني وبينك سنتان، فإذا بلغت ذلك صرت مثلك؟ قال: نعم، قال إبراهيم: اللهم اقبضني إليك قبل ذلك، فقام الشيخ فقبض روحه، وكان ملك الموت".

والقصة نفسها يوردها أبو اسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري المعروف بالثعالبي والمتوفى سنة 427 هـ، في كتابه قصص الأنبياء، والمسمى عرائس المجالس في الصفحة 16.

وإذا كنا قد أبرزنا سبب العودة إلى التوراة لأسطورة التاريخ، فإن الأمر لم يتوقف عند هذا السفر، فقد ظل الخيال الأسطوري حاضراً في وعي المؤرخ العرب في سرد تاريخ الإسلام نفسه.

فلقد أمدنا ابن الكلبي بكتاب مهم (الأصنام) حيث أرخ لوجود الأصنام عند عرب الجاهلية وطقوس عبادتها وعلاقة قبائل العرب بأصنامها، وما زال هذا الكتاب مرجعاً مهماً في هذا الشأن.

غير أنه لوث كتابه بسرد أساطير حول هذه الأصنام، أي ظل وعيه التاريخي مختلطاً بوعيه الأسطوري.

فحين يتحدث عن الصنمين: إساف ونائلة يورد الأسطورة المعروفة والتي تفيد بأن "إسافاً رجل من جرهم هو إساف بن يعلى، ونائلة هي بنت زيد من جرهم، وكان إساف يتعشق نائلة في أرض اليمن، فأقبلوا حجاجاً، فدخلا الكعبة، فوجدا غفلة من الناس وخلوة في البيت ففجر بها في البيت، فأصبحوا فوجدوهما مسخين، فأخرجوهما فوضعوهما موضعهما فعبدتهما خزاعة وقريش ومن حج إلى البيت بعد من العرب". (4) ورواية كهذه ترد في أغلب كتب التاريخ الإسلامي.

ويقول عن العزى نقلاً عن الرواة أن العزى كانت شيطانة تأتي ثلاث سمرات ببطن نخلة، وحين ضربها خالد الضربة الثالثة فإذا هي حبشية نافشة شعرها واضعة يديها على عاتقها تصرف بأنيابها". (5) فوجود الأصنام في الكعبة واقعة تاريخية صحيحة، وكذلك تحطيم الأصنام بأمر الرسول الكريم، إذ من الطبيعي أن تحطم الأصنام بعد فتح مكة وانتصار المسلمين، لكن المؤرخ الإسلامي لم يكتف بسرد الواقعة بل أصبغ عليها حلة أسطورية، وألف رواية أوردها بمعزل عن امتحانها، لأن وعيه بالأساس لم يصل إلى مستوى الوعي التاريخي الصرف.

وكثيراً من الوقائع الصحيحة قد تعرضت لمثل هذه الأسطرة فمقتل الحسين بن علي غير مشكوك به إطلاقاً، ولا يشك أحد أن قتله كان بكربلاء، ولكن القصة التي رويت عن قتله قد أردفت بأسطورة وذلك ليعلى أكثر من شأن الحسين وليضفي على مقتله مسحة تراجيدية كونية فلنستمع إلى السيوطي يقول:

"ولما قتل الحسين مكثت الدنيا سبعة أيام، الشمس على الحيطان كالملاحف المصفرة، والكواكب يضرب بعضها بعضاً، وكان قتله يوم عاشوراء، وكسفت الشمس ذاك اليوم، واحمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله، ثم لا زالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك ولم تكن ترى فيها قبله. وقيل:

إنه لم يقلب حجر بيت المقدس يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط، وصار الورس الذي عسكرهم رماداً ونحروا ناقلة في عسكرهم، فكانوا يرون في لحمها مثل النيران، وطبخوها فصارت مثل العلقم وتكلم رجل في الحسين بكلمة، فرماه الله بكوكبين من سماء طمس بصره". (6)

وقائل يقول: أن هذا قليل من كثير، فكتب التاريخ العربي الإسلامي أرخت لمراحل طويلة وهي عديدة جداً، هذا صحيح، ولكن حضور مثل هذا الوعي، على قلته، ليشي بنمط من التفكير قد يفسد حتى الوقائع التي حدثت فعلاً، والملاحظ أنه كلما بعد الزمن عن الأصل، صار المؤرخ أقرب إلى الواقعية، وزالت الحوادث المتخيلة، ومضى الحديث عن الشخوص ذات المكانة الدينية التي يمكن أن يسبغ عليها المؤرخ طابعاً أسطورياً.
[/justify]
دكتورة_صفاء
دكتورة_صفاء
Admin

المساهمات : 96
تاريخ التسجيل : 24/12/2007

https://social-studies74.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

طرائق تدريس دراسات اجتماعية رد: التاريخ بين الاسطورة والواقع

مُساهمة  محمد عبد الجواد_دبلومة السبت مايو 09, 2009 3:16 am

شكرا دكتورة صفاء على هه المعلومات القيمة
لكن ان كان هذا عن التوراة فماذا عن القرأن الكريم فهو كلام الله عز وجل
avatar
محمد عبد الجواد_دبلومة

المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 31/12/2007
الموقع : abdelgoadm@yahoo.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى